تقارير وتحقيقات

تقرير يتحدث عن المخاوف من اندثار الزراعة في البصرة مع تمدد “ألسنة الملح”

تعاني أراضي ناحية سفوان في محافظة البصرة من موجة تصحر امتدت إليها خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب قلة المياه المستخدمة للزراعة وزيادة التركيز الملحي فيها.
 
وذكرت صحيفة “الحياة” اللندنية، في تقرير لها ان مزارعي الطماطم يعانون من امتداد التصحر إلى أراضيهم مما يؤثر بشكل سلبي على محاصيلهم، وافاد مزارع يدعى “محمد” قائلا ” منذ صغري وأنا أعمل في زراعة الطماطم وكانت الأبار التي نحفرها كافية لإرواء المزارع، كما كانت لدينا مزرعة أخرى في قضاء الزبير تتغذى من شط البصرة، وكان إنتاج المزارع يكفي لكي نقتات عليه طيلة أيام السنة على رغم أن عملنا موسمي”.
 
وأضاف محمد، أن “مزرعتنا في ناحية سفوان تصحّرت بسبب قلة ما يصلنا من المياه، ما أدى إلى موت الكثير من الأراضي، لذلك لم نتمكن من الاستمرار في عملنا في الزراعة رغم لجوءنا إلى أراضٍ بديلة في أماكن قريبة من مصادر المياه في محافظة البصرة”.
 
وأوضح ان “ملوحة المياه كانت المشكلة الأكبر التي واجهتنا حينما اقتربنا من الأنهار والشطوط، حيث وجدنا الكثير من المزروعات لا تؤتي أكلها كما كانت في السابق، بسبب تلوث المياه وزيادة الملوحة فيها، ما أدى إلى خسارتنا أموالنا حين أردنا أن نبيع الأرض الزراعية التي لم يقبل على شراءها أحد”.
 
ونقلت الصحيفة عن مدير ناحية السيبة جنوب البصرة، أحمد الربيعي قوله، إن “الناحية تمر بكارثة زراعية بعد تضرر المزارع من ملوحة المياه، ما أدى إلى نفوق الكثير من الحيوانات وموت الكثير من المساحات التي كانت تحتوي على النخيل، حيث أن المنطقة ترتفع فيها نسب الملوحة منذ 2009”.
 
وتابع أنه “لا يمكن الحفاظ على ما هو موجود حيث أن النسب بشط العرب في مشروع ماء منطقة سيحان سجلت (16.800 TDs) الأمر الذي ينذر بكارثة بيئية كبيرة، كما حدث في عام 2009 وإعلان هذه المنطقة منكوبة”، مبينا أن اللسان الملحي قد يتعدى منطقة أبي الخصيب ومركز المحافظة، وهو أمر لا يمكن حله بعد اليوم لذلك لا بد من التحرك الجدي والسريع.
 
فيما أشار النائب عن البصرة توفيق الكعبي، إلى أن نواب المحافظة وصلتهم العديد من الشكاوى والطلبات من رؤساء وحدات ومزارعين ومسؤولين في المحافظة حول زيادة نسبة الملوحة في المياه، ما يؤثر على مستوى إنتاج المحاصيل الزراعية في بعض المناطق، بل وحتى نسب مياه الشرب في مناطق أخرى.
 
وأوضح الكعبي، أن “النواب سيخصصون أحدى جلسات مجلس النواب لتوجيه أسئلة إلى اللجنة العليا لأزمة المياه عن قلة المياه في المحافظة، وما يمكن تقديمه للبصرة وباقي المحافظات التي تضررت من تجاوز المحافظات الأخرى حصتها المقررة”، مبينا أن المياه التي تصل من المحافظات الوسطى والجنوبية إلى محافظة البصرة تحمل رواسب طينية، فضلاً عن ارتفاع نسبة الملوحة.
 
وكان وزير الموارد المائية، حسن الجنابي، أكد في مؤتمر صحفي نهاية العام الماضي، أن البصرة ليس أمامها خيارات لتوفير مياه الشرب غير إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، حيث أن شط العرب يعاني منذ تسعينات القرن الماضي من الملوحة بسبب قلة إيرادات المياه العذبة.
 
وأصدر قسم الدراسات الجغرافية في مركز دراسات البصرة والخليج العربي في جامعة البصرة توصيات بشأن المشكلة ومنها، تأهيل قناة البدعة التي تعد مصدراً آخراً لمياه الشرب في محافظة البصرة، كونها تعاني من العديد من المشكلات البيئية لنمو الطحالب والنباتات المائية التي تؤثر على جودة المياه، كما تضمنت التوصيات الإسراع في إنجاز مشاريع تحلية المياه، وإيجاد الحلول لتلافي المشكلات التي حصلت في هذا المجال، ورفع كفاءة محطات الأسالة في محافظة البصرة لتقليل النقص الحاصل في تصريف المياه، والعمل على ربط شبكة الصرف الصحي في الأنهر الداخلية وإبعادها عن مياه شط العرب.
 
الجدير بالذكر أن من أهم عوامل قلة التدفقات في جنوب العراق من مياه نهري دجلة والفرات إنشاء سد “اليسو” من جانب تركيا على نهر دجلة، الأمر الذي يقلل من حصة العراق من هذا النهر، فضلاً عن وجود مشكلة أخرى عملت حكومات البصرة وذي قار والمثنى على مخاطبة وزارة الموارد المائية في شأن حلها، وهي التجاوز على الحصص المائية من جانب المحافظات العراقية التي تقع شمال هذه المحافظات، حيث قسمت الوزارة حصة كل محافظة من هذه الأنهار، إلا أن بعض المحافظات تتجاوز الحصة المقررة لها ما يقلل من منسوب المياه العذبة في المحافظة التي تقع إلى جنوبها.
 
وتمر محافظة البصرة بأزمة ملوحة مياه شط العرب منذ عام 2007 بسبب ضعف نهري دجلة والفرات، ما تسبب في تقدم اللسان الملحي من الخليج في مجرى الشط، والذي كانت تدفعه سابقاً تدفقات دجلة والفرات التي أخذت تضعف شيئاً فشيئاً، فيما تعد أقضية الفاو وأبي الخصيب جنوبا وشط العرب شرقاً أكثر المناطق تضررا من تلك الظاهرة، الأمر الذي أثر أيضاً على الثروة السمكية والحيوانية، فضلاً عن تضرر مزارع النخيل في أبي الخصيب التي كانت تتصدر العالم بعديد النخيل فيها في عقد السبعينات.

مقالات ذات صلة

إغلاق