اخبار اقتصادية

بعد تلويح الشركات النفطية بالانسحاب: تخوف وزاري ومختصون يؤيدون وواقع جديد يلوح بالأفق

 

 

بعد تهديدات بعض الشركات النفطية الأجنبية التي لوحت بها لوزارة النفط لبيع حصصها في حقول النفط الرئيسية بالعراق، اثارت هذه الخطوة تخوف الحكومة ووزارة النفط في ظل إجراءات قد تنعكس سلباً على إنتاج النفط العراقي، الا انها اثارت ردود فعل مختلفة لدى بعض المختصين في الصناعة النفطية ما بين الترحيب والرفض والقلق من هذه الخطوة.

تعددت التفسيرات لهذه الخطوة ما بين تقليص هذه الشركات لأعمالها واعادة هيكلة عملياتها في ظل تفشي مرض كورونا المستجد والذي أثر على الصناعة النفطية والتخلص من أصول الوقود الأحفوري والاتجاه للاستثمار في مجال الطاقة النظيفة تحت ضغط المساهمين أو حتى التركيز على الغاز على غرار شركة “بي بي” البريطانية، وما بين الظروف الامنية والمناخ الاستثماري الغير جاذب للشركات العالمية حسب ما أعلنته وزارة النفط العراقية، بالإضافة إلى تزايد النفوذ الصيني في قطاع النفط.

خلال العقد الماضي تكالبت الشركات النفطية العالمية الكبيرة كشركة اكسون موبيل الامريكية وبي بي البريطانية وشل الانكليزية – الهولندية ولوك اويل الروسية وبعض الشركات الصينية المدعومة من الدولة للحصول على موطئ قدم في العراق والعمل على تطوير الحقول النفطية فيه بعد أن كانت هذه الحقول مغلقة أمام هذه الشركات طيلة الفترات الماضية.

وتمكنت هذه الشركات وخلال جولتي التراخيص الاولى والثانية التي طرحتها وزارة النفط في عامي 2009 و2010 من الحصول على عقود لتطوير أكبر الحقول النفطية في العراق وواصلت الإنتاج من حقول النفط الرئيسية بالبلاد من دون أي تأثر كبير لتبدأ هذه الشركات بالتفكير جديا خلال عام 2021 للخروج من هذه الحقول النفطية.

ووصف وزير النفط احسان عبد الجبار في 4 تموز الماضي، خلال استضافته من قبل مجلس النواب هذه الخطوة من قبل الشركات التي طالبت ببيع حصصها كشركة لوك اويل واكسون موبيل بالمناخ الاستثماري الغير جاذب في العراق.

وهذه ليست المرة الأولى التي تخرج فيها شركات النفط الأجنبية من العراق، فقد سبق وأن سحبت شركة “شل” الهولندية – البريطانية استثماراتها من العراق، وباعت حصتها في حقل مجنون النفطي في البصرة، عام 2018، لتتحول الى مشغل ومنتج للغاز المصاحب للحقول النفطية العراقية.

تريد شركة إكسون موبيل الأميركية -المشغلة لحقل غرب القرنة 1 العملاق في جنوب البلاد- بيع حصتها البالغة 32.7%، بعد أن تخلصت هذا العام من حصتها البالغة 32% في ترخيص بعشيقة في إقليم كوردستان العراق.

وقد تقدمت إكسون موبيل بدعوى تحكيم ضد شركة نفط البصرة المملوكة للدولة، بشأن محاولة شركة النفط الأميركية العملاقة بيع حصتها في حقل غرب القرنة 1.

وقالت متحدثة باسم شركة إكسون موبيل، إن الشركة أبرمت، في يناير/كانون الثاني الماضي، اتفاقية مع أطراف ثالثة لبيع حصتها، فيما يسعى العراق للاستحواذ على حصتها على غرار ما قام به مع شركة شل في حقل مجنون النفطي او بيعها لاحدى الشركات الامريكية.

الاستثمار الحقيقي مع الشركات الغربية

ويقول وزير النفط العراقي احسان عبد الجبار في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان “الاستثمار الحقيقي الذي ينتج للبلد قيمة حقيقية والذي يطور المجتمع والبشر ويرفع مستوى الأخلاقيات العمل هي ما تقوم به الشركات الغربية”.

ويضيف ان “الشركات الاخرى جيدة في العمل ولكنها لا تلبي كل هذه المتطلبات”، لافتا الى ان “الوزارة تحاول أن تأتي بأفضل الشركات القادرة على خلق بيئة اجتماعية وعمل جيد وتنفذ مشاريع بارخص الاسعار وباعلى عائد”.

خبير: عمليات غير مشروعة

من جانبه؛ يقول الخبير النفطي حمزة الجواهري في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان “السبب الحقيقي وراء انسحاب الشركات النفطية من الحقول النفطية هو المبالغة بشكل كبير جدا بالكلف الاستثمارية والكلف التشغيلية”.

ويضيف الجواهري أن “الشركات تقوم بوضع موظفيها في دبي ويتنقلون بطائرات خاصة ودرجة اولى ويسكنون باغلى الفنادق وهذه كلها كلف عالية جدا، اضافة الى ان هذه الشركات يأتون بمهندسين استشاريين ليس بحاجة لهم ويتقاضون أجورا كبيرة تصل الى 2000 دولار بالساعة ويبقى لمدة شهرين وثلاثة أشهر ويحصلون على الكثير من ملايين الدولارات بدون أي منفعة منهم”.

واشار الى ان “المختصين بالسياسة النفطية جعلتهم يتابعون الموضوع ويعترضون على الأمر ورفعوا أصواتهم بالرفض لتبدأ الوزارة بتقليص المصروفات ومنذ عهد الوزير النفط الاسبق جبار لعيبي ومرورا بالوزير ثامر الغضبان وصولا الى الوزير الحالي وحتى وصلت الى منع اي مبالغ زائدة يتم صرفها”.

وأوضح الجواهري ان “هذه الشركات والوزارة لا يمكنها أن تتحدث عن هذه التكاليف الجانبية والكبيرة لانها تدين نفسها وبالتالي؛ فأن العائد المالي بعقود التراخيص اصبح ضئيل جدا ما يقارب الدولار واحد لكل برميل منتج من النفط وهذه الاموال كانت تتضاعف مرتين وثلاثة من خلال هذه العمليات غير المشروعة عندما كانوا يبالغون بالكلف التشغيلية”، مؤكدا ان “هذه الشركات عندما رأت أن ما تتحصل عليه اصبح غير مجزٍ، فمثلا عندما تحصل شركة مثل اكسون موبيل على 250 ألف دولار يوميا لا يعني شيئا بالنسبة إليها التي تعد من أكبر الشركات النفطية بالعالم”.

ولفت الجواهري أن “خروج هذه الشركات من جولات التراخيص لا يعني خروجها من العراق نهائيا فشركة شل تستثمر حاليا غاز البصرة وشركة اكسون موبيل تتباحث لتطوير مصنع للبتروكيمياويات وتوتال وقعت عقودا لتطوير 6 مشاريع اضافة لتطوير حقل الزبير، اضافة الى الشركات الروسية موجودة وترغب بالاستثمار بالغاز”.

التلكؤ بالتسديد

من جهته اعتبر أستاذ هندسة النفط في جامعة بغداد الدكتور محمد الصالح في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان “الشركات الرصينة كشركة اكسون موبيل وبي بي لديها موديل اقتصادي معين تلتزم به ما دام العراق ملتزم بتسديد مستحقاتها المالية”، مبينا ان “التلكؤ الذي حصل في تسديد هذه المستحقات خلال العام الماضي مع انخفاض أسعار النفط وانتشار كورونا لم تعد بإمكان هذه الشركات اكمال مهمتها كما هو الحال بالنسبة لشركة شل الذي خرجت خلال الفترة الماضية من حقل مجنون”.

ويشير الصالح إلى أن “الشركات الصينية أكثر مرونة من باقي الشركات الغربية لأنها شركات جديدة الا انها تفتقد للخبرة الكافية وليس لديها اموال كبيرة تستخدمها وتكاليفها قليلة وأكثر العاملين بها مبتدئين وبالتالي حتى لو تأخر الدفع إليها لا تتضرر كثيرا”.

وأعلنت وزارة النفط العراقية حرصها على استمرار عمل شركات النفط الأجنبية في العراق، وهذا يبدو مبرراً لما تمتلكه الأخيرة من كفاءات فنية عالية، وإمكانات تكنولوجية متطورة، وعلى نحو يساهم في استقرار الإنتاج النفطي، وتسهيل وصول العراق للأسواق المختلفة، بالإضافة إلى الحفاظ على المصالح السياسية مع القوى الدولية الكبرى. وهنا، فقد صرح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي مؤخراً، بأنه يريد أن تحل شركة أمريكية أخرى محل شركة “إكسون موبيل” النفطية إذا ما غادرت العراق.

 

 

 

 

 

 

 

 

Workers walk as smoke rises from burning excess gas at the Rumaila oil field in Basra, 420 km (260 miles) southeast of Baghdad May 23, 2011. Picture taken May 23, 2011. REUTERS/Atef Hassan (IRAQ – Tags: ENERGY BUSINESS)

مقالات ذات صلة

إغلاق