الاخبار المحلية

أوامر حكومية خاصة لاعتقال 100 من رؤوس تجارة المخدرات فـي البصرة

تخطط الحكومة لاعتقال رؤوس تجارة المخدرات في البصرة التي باتت تغذي الصراعات المسلحة المتكررة في المدينة الغنية بالنفط.

وتغلف المشاكل التي تحدث في المدينة الجنوبية بغلاف “النزاعات العشائرية”، إلا أنها في الحقيقة هي تنافس بين “مليشيات” ومتنفذين على تجارة المخدرات في المحافظة.

ويسيطر أفراد تابعون في أغلب الأحيان إلى جهات سياسية أو جماعات مسلحة خارجة عن الدولة على تلك التجارة، بالإضافة إلى السيطرة على الموانئ والمفاصل الاقتصادية الأخرى في المدينة المطلة على البحر.

يقول علي شداد الفارس، عضو مجلس محافظة البصرة لـ(المدى): “تمثل تجارة المخدرات والتهريب عبر الموانئ الجزء الأكبر من الصراعات العشائرية والمسلحة التي تحدث في المحافظة”.

يقدر مسؤولون في البصرة عدد المعتقلين بسبب تجارة وتعاطي المخدرات بنحو 4 آلاف معتقل.

ويضيف الفارس: “بعض مراكز الشرطة في المدينة قد اشتكت من أنها لم تعد تملك مساحة كافية لاحتجاز المدانين بقضايا المخدرات”.

رشيد فليح قائد شرطة البصرة، قال فور تسلمه المنصب في المدينة العام الماضي، إن 80% من المخدرات الداخلة للمدينة قادمة من إيران قبل أن يتراجع عن تصريحه لأسباب غير معروفة.

وفي وقت سابق قال رامي السكيني، النائب عن البصرة، إن “المخدرات تدخل إلى المدينة من 6 موانئ”.

بدوره يقول كريم الشواك، وهو عضو اللجنة الأمنية في البصرة في تصريح لـ(المدى): “لا توجد دولة في البصرة.. القاتل وتجار المخدرات يخرجون بعد أيام من السجن بسبب عدم وجود عقوبات صارمة”.

وتخشى القوات الأمنية في البصرة، بحسب الشواك، من تنفيذ أوامر الاعتقال التي تصدر بحق المجرمين، خوفا من المحاسبة العشائرية.

ويضيف قائلا: “قد يضطر الشرطي أن يدفع 100 مليون (فصل) إلى العشيرة لأنه حاول تنفيذ القانون”.

أوامر الاعتقال

قبل يومين طالب وزير الداخلية ياسين الياسري من القضاء والمسؤولين في البصرة “عدم التهاون مع المتسببين بإثارة النزاعات العشائرية وعصابات الجريمة المنظمة وتجار المخدرات”.

وقال الياسري الذي وصل إلى المحافظة الأحد، بعد تعرض قوات أمنية لاطلاقات نارية اثناء محاولتها فض نزاع عشائري في البصرة: “يجب التعامل بحزم في مسألة تنفيذ مذكرات إلقاء القبض (…) والخارجين على القانون وإصدار مذكرات إلقاء القبض بحق كل من يثبت تورطه في زعزعة الأمن وتهديد حياة المواطنين”.

ووفق مصدر امني في البصرة تحدث لـ(المدى) امس عبر الهاتف، مشترطا عدم كشف هويته، إن “هناك نحو 4 آلاف مذكرة اعتقال معطلة منذ عام 2015 لأسباب عشائرية وسياسية”.

واضاف المصدر ان زيارة وزير الداخلية الى البصرة ركزت على “تفعيل مذكرات نوعية لـ 100 متهم يعتبرون رؤوس تجارة المخدرات ومثيري الشغب في المحافظة”.

وتعجز الحكومة منذ سنوات عن اعتقال تلك الجهات. ويقول احمد عبد الحسين رئيس اللجنة القانونية في مجلس محافظة البصرة ان “بعض المتنفذين السياسيين يتدخلون في ملف الامن والاعتقالات في المحافظة”.

ويشير المسؤول المحلي الى ان “ارباك الامن قد تحول في البصرة الى مكسب وعمل لبعض الجهات التي تدعي انتماءها الى عناوين سياسية ومقدسة”.

سلاح العشائر

ولأبسط الاسباب تشهر عشائر في البصرة اسلحتها، منها الثقيلة، لفض النزاعات التي تحدث احيانا بسبب خلاف على نتيجة لعبة كرة القدم او سرقة ماشية.

وفي آذار الماضي، قال رشيد فليح، قائد شرطة البصرة، ان حجم السلاح لدى العشائر في المحافظة يعادل سلاح فرقتين عسكريتين.

وأضاف في تصريح لفضائية محلية انه لا يستطيع “إقحام القوات الأمنية تحت نيران الأسلحة الثقيلة، حفاظاً على أرواحهم”. واشار الى ضرورة “سحب السلاح الموجود لدى العشائر”.

يوم الجمعة الماضية قالت قيادة عمليات البصرة، بانها نفذت “إنزالا جويا”، شمال المدينة، “بحثا عن مطلوبين للقضاء وفق مذكرات إلقاء القبض”.

وقال قائد العمليات الفريق قاسم جاسم في بيان صحفي، إن “القوات الأمنية متمثلة بفرقة الرد السريع والجيش العراقي قامت بعمليات نوعية تمكنت خلالها من اعتقال مجموعة من المطلوبين للقضاء وضبط أسلحة متنوعة في مناطق متفرقة ضمن قاطع المسؤولية”.

ونادرا ما تنفذ عمليات انزال في الجنوب، حيث تقتصر مثل تلك الاجراءات على مداهمة اوكار “داعش” في المناطق الجبلية والصحراوية في مناطق شمال بغداد وغربها .

ويقول احمد عبد الحسين، عضو مجلس محافظة البصرة، ان “بعض رؤساء العشائر لا يستطيعون السيطرة على افراد العشيرة، حيث يستمرون بالنزاع المسلح”.

ويشير المسؤول المحلي الى ان “الخلاف بين عشيرتي الحمادنة والبطوط في البصرة مستمر منذ 5 سنوات”.

“عطوة” حكومية

وينتقد عبد الحسين بالمقابل تدخل القوات الامنية احيانا في الاجراءات العشائرية في منح العطوة (الهدنة)، معتبرا ان ذلك يضعف من دور القوات الامنية.

وقبل ايام بث ناشطون على “فيسبوك” فيديو لمحافظ البصرة اسعد العيداني وهو يطلب “العطوة” من احدى العشائر في قضاء الزبير، جنوب المدينة، لفض النزاع بينها، لحين “الدفنة” وهو اليوم الثالث عشر من شهر محرم.

بالمقابل يحمل علي شداد الفارس، وهو عضو تيار الحكمة المعارض في البصرة، المحافظ مسؤولية عدم ضبط الاوضاع في المحافظة، باعتبار الاخير هو رئيس اللجنة الامنية في المحافظة.

ويقول المسؤول المحلي ان “المحافظ شكل عدة لجان في احداث النزاعات العشائرية لكنها لم تكن شفافة”.

تخريب الاقتصاد

ويؤكد الفارس، وهو عضو لجنة النفط في مجلس البصرة، ان الاشتباكات المسلحة المتكررة في المحافظة “تؤثر على الوضع الاقتصادي للمحافظة وعلى الشركات الاجنبية وتزيد من معدلات البطالة”.

وتعمل اكثر من 500 شركة اجنبية في البصرة، خاصة في مجال النفط، وتضم اكثر من 80 الف موظف.

من جهته يقول كريم الشواك، وهو العضو الآخر في مجلس البصرة، ان الحل هو اعلان الفيدرالية الذي رفضته الحكومات المتعاقبة بعد 2003.

ويضيف الشواك “حكومة بغداد فشلت في السيطرة على اوضاع البصرة وحان الوقت لنحكم انفسنا.. لدينا آلية لإبعاد المليشيات من المدينة ومنع سلاح العشائر”.

 

إغلاق